(( عبر الفتى ذاته ....)

///////////////////

حرش

بدا شارع الاربعين المحاذي من جهه الشرق لشارع الاتحاد او عفوا شارع الصحافه الذي يضم بين جنباته معالم حقيقيه لمدينه جده .. فمن جريده المدينه ومطلع جريده البلاد الى اداره المرور ومقر اشهر صالون اجتماعي لصاحبه ابو الشيماء بدا الشارع مساء الاحد هادئا يكاد يتماهي في رتابته مع شحوب وجه فتى طفق يقف محتارا فوق الرصيف المقابل للدانوب

عيناه مطفأتان تنضحان تحسرا على حلم تسرب خفيفا بين يديه ( شال اتحادي ) طوته الخساره امام العملاق الهلال لوهله تخيلت الفتى وعيناي تلتقيان بعينيه كمن يبحث عن اي احد يربت على كتفيه ويخفف عليه مراره هذه الليله التي افسدتها مهاره الشلهوب

ربما كان يمني النفس بانطلاقه مع رفاقه عبر هذا الشارع الاقرب مسافه من الاتحاد لياكل ( الجوش ) ويذوب مع العشاق في زواميل المزمار بعد ان غدا الاتحاد في الخمس السنوات الاخيره موئلا للبهجه لدي الاجيال وحلما شفيفا ينازع مكامن الفرح العفويه التي يهبها الاتحاد لانصاره

بالنسبه لي _ وانا الطارئ على مدينه جده _ لست ادري كيف اشحت بوجهي عنه وانا ابتسم تعاطفا مع هذا الفتى الذي لم يجد من يقاسمه لوعته على الاتحاد

لم يجد وقتا لينشر شاله المطوي بين يديه الصغيرتين ليحلق نمرا مرسوما في حنايا الصغار وهم يرددون بعذوبه اهازيج الاتحاد

عندما مضيت وصوره الفتى عالقه في خاطري وددت لو اني عثرت ثانيه عليه لاخبره ان نادي الاتحاد يمثل لاهالي المدينه رمزا من رموز حياتهم وايقونه من ايقونات الوجود هذا الوجود الذي يتحدى الالغاء ويتقاطع مع الحس التاريخي لهم فالحس التاريخي هو بالضروره حس بالانتماء للحاضر الممتد للمستقبل مشدود لماضي مازال ينبض في قلوب دافئه يمثلها الاتحاد رمزا ومعنى حقيقه ةمجاز

من عيون الفتى الوامضه بعشق حقيقي ادركت ان الاتحاد في بعده الوجداني يخيل لي انه ابعد من مجرد كره قدم يمكن ان تتخيله أنيه للانصهار وتجانس الافراد على اختلافاتهم ( الكباريه ) وما دونهم ويمكن ان تعتبره مفازه معشبه لالتقاء تنوع الانسان بما يتيح فرصه ملئيه بالنديه والاشراق لاختلافات البشر

هي صوره اقرب لروح البرلمانات العريقه على نحو ماهي انجلترا او فرنسا بلاد جان جاك روسو وفولتيير وفرانسوا بورغار حيث بهجه المدينه وشموخ الاحلام التي تنطفئ . ربما الاتحاد وحده الذي ترى فيه عناق ابوشقير بمحمد نور بالصقري بمشعل السعيد
صوره مصغره مليئه باجلال لالتقاء التنوع وتجانس الثقافات اخذا وعطاء وتالفا وتسامحا واعلاء لقيم الانسانيه

الاتحاد من الناس والى الناس ومع الناس وبالناس يهبهم فرحأ صغيرا يعينهم على تحمل العذابات والخيبات ومشاق الركض الكثير بمجانيه عاليه وبذبح لا من فيه

هذا ما يؤمن به اكثر اهل جده حين يوحدهم الاتحاد ولا يمكن ان يتخيلوا ان ثم حواجز تحول دونهم ودون الغناء للاتحاد وعن الاتحاد لذلك ليس بغريب ان يكون للاتحاد فضل في احياء موروث الفلكلور الحجازي والحفاظ عليه عبر الاغتراف من ينابيع ( زواميل المزمار ) واحالتها الى اهازيج فرح لناديهم راحت كل مدرجات الخليج تستنسخها ولا ضير في ذلك فالتاريخ الحضاري للانسانيه ظل طرقا متصله ببعضها لا ازقه متقطعه الروابط

عبر الفتى ذاته رحت اتخيل مستقبل هذه المدينه المغويه / الفاتنه في اطفال يقيمون علاقه عشق مع نمور صغيره .. عساها تتعلم من النمور دابها وتحديها شراسه الغابه وتتعلم من الاتحاد الانضباط وتلاقي الانسان على الفرح والحب وصنع البهجه او قطافها من ليل الانين

هكذا فعل الاتحاد قطف النهار من صفحات موغله في التعب ليبقى رمزا محببا لمدينه تنتج الحب كثيرا حتى كثير من محبيها منطفئ العيون ليله الخساره ... لان العالم يبدو بعيدا حين يخسر الاتحاد او هكذا والوصول لاخر شارع الاربعين يبدو دهرا من الحسرات كما بدى على محيا الفتى ...

وياكلك